MMS : عدد المساهمات : 254 تاريخ التسجيل : 08/11/2009 العمر : 35 الموقع : www.oriflame-nador.ahlamontada.com
موضوع: ام على قلوب اقفالها الخميس 10 ديسمبر 2009 - 17:04
حقوق المسنين في القرآن الكريم
من بعد قوة ضعفا وشيبة
الشيخوخة مرحلة أخيرة يختم بها الإنسان رحلة حياته قبل التحاقه ببارئه، وهي أصعب مرحلة يجتازها الفرد لما يتخللها من الضعف والهوان. فهي مقترنة بالاستهلاك التدريجي للأعضاء وبالتغيرات الحيوية التي تطرأ على الجسم. فالمسن يعاني من ضعف جسمي عام في الإحساس، والعضلات والعظام، والنشاط الجسمي الداخلي، وضعف عام في النضارة...وبدء ظهور الترهات. مما يجعله في حاجة إلى عناية صحية متواصلة ودقيقة. كما أن حالته النفسية تكون جد متوترة، لما يصبح عليه من الصلابة، الشيء اﻟذي يؤثر على علاقاته الاجتماعية إذ يصعب عليه التكيف والتوافق مع مستجدات الحياة، ومع عدة أجيال قال تعالى«ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون» سورة يس، الآية: 68. ومع كل ﻫذه المعاناة، فان المسن يتميز بنضوج علمي، وثراء فكري، وخبرة ذاتية جد واسعة، حيث أنه يفهم الحياة فهما واقعيا، وينظر إليها نظرة علمية، ﻟذا نجد خير إنتاج أكابر العلماء في مرحلة الشيخوخة. فيا حبذا لو استثمرت مهاراتهم فيما يعود على المجتمعات بالخير. لكن التهميش الذي تتعرض له هذه الفئة تحرم الأمم من خير كثير هي في أمس الحاجة إليه. ﻫذه العوامل كلها جعلت الأمم المتحدة تعقد عدة مؤتمرات وندوات، ابتداء من سنة 1982 لمعالجة قضايا المسنين، ولتحسين مستواهم الصحي والاجتماعي، ولإدماجهم في مسيرة التنمية. لكن النتائج التي أسفرت عن تلك المعاهدات تبقى هزيلة أمام متطلبات المسن المستمرة، خاصة ما يتعلق بالجانب النفسي والعاطفي. فقد جاء في تقرير من وزارة الأسرة والشبيبة والكهولة، في ألمانيا عام 1993 جاء فيها أن هناك 440 ألف مسن تعرضوا ﻟﻹيذاء الجسدي، والمعاملة السيئة، مرة واحدة على الأقل في السنة. فالعالم المادي ينظر إلى المسن على أنه مستهلك لا ينتج، ومن ثم فهو عالة وعبء ثقيل على المجتمع يود التخلص منه. ﻫذه النظرة لم تستطع لا معاهدات الأمم المتحدة، ولا باقي القوانين الوضعية محوها، وهي السر في معاناة المسن وتهميشه. فقد توفي مسن تجاوز التسعين عاما في دار خاصة بالمسنين في مدينة سابور بجزيرة هوكايدو ولم يشعر أحد من العاملين بوفاته إلا بعد خمسة أيام. ومات رجل مسن في لندن في شقته وله خمسة أولاد ولم يعلم أحد بموته إلا بعد ستة أشهر. ﻔﻫذا إن دل على شيء فإنما يدل على عجز القانون الوضعي على احتواء ﻫذه الشريحة، وتحقيق متطلباتها.
ولقد كرمنا بني آدم
لتكريم الإلهي وسام شرف، نفخر به أمام من جحد وأنكر هذا الدين الكريم اﻟذي لم يستثن من تكريمه لا شيخ ولا عجوز؛ بل أعطى هؤلاء من الحقوق ما لم يعط لغيرهم، وشدد على تطبيقها حتى لاتضيع ﻫذه الفئة المغلوبة على أمرها. فالمسنون هم إما آباؤنا أو أمهاتنا أو أجدادنا، وقد عظم رب العزة حق الوالدين في القرآن الكريم، وقرنه بأعظم الحقوق ألا وهو حق رب العالمين قال عز من قائل«وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ﺇما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما» سورة الإسراء، الآية:23 اقتضت العناية اﻹلاهية أن لا ترضى للمسن دون مقام الإحسان، والإحسان يتطلب مراعاة الرقابة اﻹلاهية، والإتقان في كل صغيرة وكبيرة، ومن الإتقان في المعاملة ما يحيلنا عليه رب العالمين من النهي عن التأفف، والتأفف هو أول مراحل الضجر والقلق، وبالتالي يكون هذا النهي حصن حصين يقي المسن من أي سوء. ثم بين سبحانه وتعالى بكل دقة المعاملة اللائقة بالشيخ المسن ﺇذ قال«واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» الإسراء:24 التواضع المفضي إلى الذل لم يذكره المولى إلا في مقامين، في التعامل مع المسن وفي تعامل المؤمنين فيما بينهم. وفي ذلك تشريف للمسن. كما وردت آيات عدة في القرآن تحث على الإحسان للوالدين ومعاملتهم معاملة حسنة. ورسخت السنة العطرة ﻫذا المعنى في قلوب الصحابة رضوان الله عليهم، بأقوال الرسول الحبيب ، وبأفعاله فقد قال صلى الله عليه وسلم«إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم» رواه أبو داوود. ورد رجل عن الجهاد لما علم أن والديه أحياء، وقال له: ففيهما فجاهد. ﻫذا بالنسبة للمسن الأب أو الجد، أما من قدر عليه المولى الكريم العقم، ولم يخلف ذرية، فلم ينسه المصطفى صلى الله عليه وسلم بل أوصى من يتعهده، فعن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه.» وﺑذلك لايضيع أي حق من حقوق المسن. بل الأكثر من ذلك أن قرن الرسول صلى الله عليه وسلم الإحسان إلى المسن بمصير كل واحد منا ، فمن منا لايخشى تلك المرحلة، بل أن هناك من يحسب لها ألف حساب، ﻔلهذا وذاك يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم«ما أكرم شاب شيخا لسنه أي في شيخوخته إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه» رواه الترمذي. قيض الله لي ولك عزيزي القارئ من يكرمني ويكرمك عندما يشيب الشعر، ويحدودب الظهر، ويتجعد الجلد، ويضعف البصر،وتخور الأرجل، فنتوكأ على عصى... آمين آمين والحمد لله رب العالمين.